ي الوقت الذي تتكاثر فيه الأسئلة حول جدوى الحرب التي يعتزم الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين الإعلان عن اعتزامه شنّها على الإرهاب في سوريا في خطابه المرتقب أمام الأمم المتحدة في نيويورك نهار الاثنين المقبل، لا بدّ من التوقّف بإمعان عند بعض المحطّات الهامّة التي شهدها التاريخ المعاصر، والمتعلّقة بسيرة روسيا وخبرتها في مجال مكافحة الإرهاب. فإذا كان في الإمكان وضع الأسباب التي دفعت الأوليغارشيّين الروس إلى شنّ حربهم الاستباقيّة على فلاديمير بوتين في خانة السعي إلى المحافظة على ما حقّقوه من مصالح ومكتسبات شخصيّة خلال السنوات العجاف التي تلت تفكّك الاتحاد السوفييتيّ، على حساب مصالح ومكتسبات عموم الشعب الروسيّ، نظرًا لأنّه وضع على رأس سلّم أولويّاته، لدى تسلّمه مهام منصبه كرئيس للوزراء في شهر آب (أغسطس) عام 1999، الشروع في العمل على تطهير مؤسّسات الدولة من سطوتهم، فإنّ وصول ضراوة هذه الحرب إلى حدّ قيام رمز من رموز طواغيت المال في البلاد، مثل الملياردير اليهوديّ الأصل بوريس بيريزوفسكي، بتمويل عمليّة دخول القائديْن الشيشانييْن المتطرفيْن شامل باساييف وابن الخطّاب على رأس ألف وأربعمئة مقاتل جهاديّ إلى جمهورية داغستان، في إطار محاولة لإقامة إمارة إسلاميّة فيها، على غرار تلك التي أقامها عناصر حركة طالبان في أفغانستان، تمهيدًا لجرّ القوّات الاتحاديّة الروسيّة إلى خوض حرب استنزاف طويلة الأمد في شمال القوقاز، أظهر بما لا يترك مجالًا للشكّ أنّ الأهداف الحقيقيّة لأولئك الأوليغارشيّين يمكن أن تتجاوز نطاق تلك الخانة بكثير، حتّى لو وصل الأمر إلى حدّ تهديد الأمن القوميّ الروسيّ في الصميم.