الحديث عن العروبة والقوميّة العربيّة ودولة المواطَنة العربيّة، لن يصير حديثاً من الماضي، وما يتخبّط فيه الواقع العربيّ الراهن يعطي كلّ المسوِّغات اللّازمة لإعادة طرح مسألة العروبة طرحاً متجدّداً ومتخفِّفاً من هجاء التجربة التي خاضتها أنظمة عديدة في أكثر من بلد عربيّ، ومغادراً أيضاً للنقد السطحيّ الذي ألقى على العروبة أحمال خطايا الذين خطفوا رايتها، ثمّ مارسوا باسمها منوّعات من سياسات القهر والإذلال، فكان أن حصدت البلاد العربيّة التي ابتليت بالشعاريّة العروبيّة والقوميّة، خيبة الانحطاط الاجتماعيّ، وخيبة التطوّر الاقتصاديّ، وهزيمة الطموح الوطنيّ والقوميّ، الذي كان من عناوينه الأبرز: التصدّي للنهب الاستعماريّ، ومواجَهة الاستيطان الصهيونيّ في فلسطين، وبناء دولة العدالة الاجتماعيّة الحرَّة في كلّ داخل وطنيّ، والتوق إلى وحدةٍ عربيّة تنهض بأحوال الأمّة العربيّة في مختلف مناحي حياتها.