في الانتقال الديمقراطي (المغرب نموذجاً)
من أجل توصيف بعض خصائص الانتقال الديمقراطي في منطقتنا العربية وتحليلها في هذه المرحلة العصيبة التي تمرّ بها في إطار ما اتُّفِق على نعته ”بالربيع العربي “ بأحداثه ووقائعه وتطوّراته المعقّدة والمتشابكة، والممتدّة من المحيط الى الخليج، سنقف عند دراسة حالة واحدة هي الحالة المغربية، وذلك بغية مساءلة محدّداتها وسياقاتها ورهانات فاعليها، واستشراف تحقّق احتمالات انتقالٍ ديمقراطي حقيقي فيها. سنقف أولاَ عند مفهوم الانتقال الديمقراطي، ونتناول ثانياً كيفيّات تجسيده في الواقع السياسي المغربي. يشير مفهوم الانتقال الديمقراطي إلى ” تحوُّلٍ في البنيات، أو العمليات، أو الغايات السياسية، بما يؤثّر على توزيع القوّة السياسية وممارستها بمكوّناتها: السلطة والإكراه والنفوذ السياسي“، (سعيد خمري، الإصلاح: السلطة والشرعية بالمغرب). ويعرّف الكاتبان أودونيل وشميتر الانتقال الديمقراطي بكونه الفارق الزمني الذي تتمّ فيه عمليات سياسية إرادية ومفاوضات وتوافقات بين الدولة والمجتمع في أفق تأسيس نظام جديد مخالف كلّيا عن سابقه (O’Donnell and Schmitter, Transitions from Authoritarian Rule). ويركّز هذا المفهوم في المقام الأول على التغيير السلمي وعلى العمليات الواعية والإرادية وعلى أدوار النخب والطبقة السياسية.