المجتمع المدني والمواطنة: نحو مقاربة عربية
يمكن القول بأن مفهوم المجتمع المدني (ونشأته وتطوره) قد جاء مقترنا بولادة الدولة الحديثة (نشأتها وتطورها). وهناك قواسم مشتركة تناولها الفكر الغربي أثناء صياغته لمفهوم المجتمع المدني، وذلك منذ العقد الاجتماعي وحتى أطروحات غرامشي . فالمجتمع المدني يظهر باعتباره رابطة اختيارية يدخلها الأفراد طواعية والعضوية فيها غير قائمة على الإجبار وينضم إليها الأفراد بمحض إرادتهم إيمانا منهم بأنها قادرة على تلبية مصالحهم والتعبير عنهم. ويتكون المجتمع المدني بهذا المعنى من المؤسسات الإنتاجية والطبقات الاجتماعية والمؤسسات التعليمية والدينية والنقابات العمالية والروابط والأحزاب السياسية والنوادي الثقافية والاجتماعية. أما استقرار المجتمع المدني وتمتعه بوحدته وأداؤه لوظائفه فهي مرتبطة وملازمة للدولة والمجتمع السياسي. وعند قيام المجتمع المدني فليس بالضرورة أن تكون الدولة ديمقراطية ولكنها غير مطلقة السلطة وهي تخضع إثناء أداء مهامها لقواعد عقلانية. وتتمتع مؤسسات المجتمع من حيث المبدأ باستقلالية نسبية من النواحي المالية والإدارية والتنظيمية (عن الدولة) وبالتالي فهي تجسد قدرة أفراد المجتمع على تنظيم نشاطاتهم بعيدا عن تدخل الدولة.