حين تصبح الطائفيّة شرّ الشرور؟
كلّ إنسان يحمل في ذاته آثار التصوّرات الكبرى التي تعتنقها الجماعة التي ينشأ فيها، وفيها يترعرع وينتصب فردًا حرًّا مسؤولًا. وقد يخرج غيرُ واحد منّا على جماعته وتصوّراتها.
كلّ إنسان يحمل في ذاته آثار التصوّرات الكبرى التي تعتنقها الجماعة التي ينشأ فيها، وفيها يترعرع وينتصب فردًا حرًّا مسؤولًا. وقد يخرج غيرُ واحد منّا على جماعته وتصوّراتها.
منذ بدأت التفكير بمعالجة هذا الموضوع وإتمام هذه الدراسة، لفت نظري ما قرأته على صفحة رفيق الصبا المثقّف الأستاذ سعد الدين فاعور على الفايسبوك، أعني ما تقوله سارة لي ويتسون Sarah Leah Whitson، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظّمة هيومن رايتس واتش Human Rights Watch، هذه المرأة المثقّفة المتعمّقة في العمل العام عن وعي كامل وعن استعداد للتضحية.
كان ليون تولستوي يعتقد أن النار المشتعلة لا تنظفئ أبدًا. وهي كانت بدأت بالاشتعال عندنا في غابات الجبال والوديان مطلع تشرين الأول ذاك، وارتفع سواد دخانها في الفضاء ليزيد سواد القلوب سوادًا والإحباط اكتئابًا. إلى درجة أن الكثيرين لجأوا إلى خبايا نفوسهم مستسلمين.
الشبّان والشابّات الثائرون يُصرّون على تغيير النظام اللبنانيّ تغييرًا جذريًّا. ويصرّ ثائرون آخرون على إلغاء الطائفيّة وإنشاء الدولة المدنيّة. أمّا الأحزاب اللبنانيّة، فبعضُ يسارها يصرّ على إلغاء الطائفيّة السياسيّة، وبعضُ يمينها يصرّ على العَلمانيّة الشاملة.
لا تنام أحلام عائلاتٍ وتصحو غيمةٌ تمطر فرحًا. بعد ارتشافهنّ زبد الصباح، تأنقت أصواتهنّ أنشودةً تكنس أرق الوطن عن أرصفةٍ عاريةٍ من الأحلام ترسو عليها سفن القراصنة، يسدلن رموشهنّ ستارةً على أعتاب الشعارات التي تزهر أغصانها ربيعًا مع أمنية قديمة.
إزاء التحوّلات العميقة التي يشهدها مجتمعنا اللبناني بعد عامية أو انتفاضة 17 تشرين الأول، نجد من واجبنا أن نؤكد على جملة منطلقات مبدئية، وأن نحلّل خلفياتها، وأن نطرح بعض الأفكار التي يمكن أن تشكّل خريطة طريق في المرحلة القريبة القادمة.
لم تنتهِ الثورة ولن تنتهي. هي في حالة الترقّب الفطِن. قد تتغيّر أشكالُ الثورة، ولكنّ جوهرها يظلّ هو إيّاه. عنيتُ به أوّلًا مقاومة الظلم، وفي هذه المقاومة أشرفُ ضروب السعي الإنسانيّ. وعنيتُ به ثانيًا استئصال الفساد، وفي هذا الاستئصال شفاءُ الاجتماع اللبنانيّ من أسقامه. وعنيت به ثالثًا تجديد البنيان اللبنانيّ بأسره، وفي هذا التجديد ضمانة الديمومة التاريخيّة والانتعاش الكيانيّ والازدهار الثقافيّ.
إذا عجزت عن تحرير رهينة بيد مسلّح يصبح إطلاق النار على رجل الرهينة خيار منطقي فتتحوّل إلى عبءٍ ومسؤولية على كاهل خاطفها بعد أن كانت مصدر منعته.
إن هذا الاذلال الممنهج والمستمرّ منذ عقود في طريقة التعاطي مع الشعب اللبناني بطريقةٍ فوقية، عليائية، من كافة
لا يستطيع أحدٌ أن يضبط هيجان الشوارع التي تثور نصرةً للظلم والشوارع التي تناهض ثورة الثائرين، ولاسيّما في وطنٍ شديد الحسّاسيّة والتعقّد والانعطاب. من معضلات الواقع اللبنانيّ أنّ كلّ شيء أضحى وجهةَ نظرٍ، خاضعًا لتفسيرات المفسّرين وتخمينات المخمّنين.