الفيدراليّة بين الخطاب والواقع
ليس بالتمنيات تُصنع السياسات، ولا الأحداث التاريخية تكون في معظمها نتيجة تخطيط مسبق. التناقض والصراع والاحتكاك، هي قاطرة الأحداث.
ليس بالتمنيات تُصنع السياسات، ولا الأحداث التاريخية تكون في معظمها نتيجة تخطيط مسبق. التناقض والصراع والاحتكاك، هي قاطرة الأحداث.
ما الذي يَبقى، ومعظَمُ الشعب اللبناني المقهور زَحَلَ إِلى الشوارع احتجاجًا وصراخًا وغضبًا على نيرونيين يشعلون سيجارهم من نار الشوارع وَسَاديًّا يبتسمون؟
ما حدث ليل 2 آذار 2021 هو حدث كمجمل الأحداث التي تحصل في لبنان حيث كلّ يراه من منظاره ومن زاويته وبالتالي يعطيه التفسير الذي يتناسب مع طموحه. لكن ما هو ملفت إنه يتطابق مع ما حصل ليل 17 تشرين 2019 حين عمت الاحتجاجات طريق المطار والمنطقة التي يسيطر حزب الله، وحيث كيلة الشتائم للرئيس ميشال عون.
ليست المبادرة التي أطلقها البطريرك بشارة الراعي حول حياد لبنان، وليدة اللحظة اللبنانية المعقّدة، إنما هي وجهٌ من وجوه المسار التقليدي للاحتدام الأهلي، وبعبارةٍ أخرى، كلّما غابت السياسة عن المشهد العام تبرز دعوات الحياد كطرحٍ تعبيري عن حالة الانسداد، ومن دون أن يأخذ الحياد مجراه نحو قناعة لبنانية عامة، أو يلقى آذانًا مفتوحة على المستوى الدولي.
شكّل ميشال عون، ذات يومٍ، لدى الوجدان المسيحيّ أيقونةً لبنانيّة مقاومةً إزاء تدخّلات محاور الخارج. تحدّى الاحتلال والميلشيات، على الرّغم من أنّ خلفيّته الأنانيّة وتقديمه مصالحه الشّخصيّة على أيّ اعتبار هي الّتي أسهمت في إضعاف لبنان ومسيحيّيه في أدقّ الأوقات.
لم يسبق في تاريخ العهود اللبنانية منذ أيام الشيخ بشارة الخوري، مرورًا بباقي الرؤساء، أن شهد عهدٌ هذا التفكّك السريع في منظومته الأمنية، وهذا الكم من الانهيارات.
لم تكن يومًا قيمةُ المسيحيّين الحقيقيّة في أعدادهم. الديموغرافيا لم تكن لصالحهم يومًا حتّى عندما شكّلوا خمسةً وخمسين في المئة من سكّان لبنان. عندذاك، كانوا أغلبيّةً عدديّة ضئيلة، لكن بالمقارنة مع البحر الهادر من المسلمين في العالم العربي، كانوا أقليّةً حتّى في حينه.
اِرتفعت الأصوات فى بلادنا، التى تنادي بثورةٍ فى الفكر والتعليم والثقافة، وتجديد الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم الخاطئة الشائعة.
لاقت هذه المقولة انتشاراً عالمياً واسعاً وضربت شهرتها رقماً قياسيّاً في مختلف أنحاء العالم من حيث عدد المُستَشهِدين والمُنَوِّهين بها.
الأبواب الموصدة صدّت اللبنانيين، أمس واليوم. أبواب القلوب وأبواب الأنظمة. كلّ قضيّةِ لبنان، في كلّ أزماته تُختصر بهذا الصراع.