بالرغم من تجاور وتداخل بلدتينا جغرافياً وسكانياً، لم أعرف الدكتور نزار يونس إلا في نهاية السبعينات. أذكر ذلك لأشير أن هذا التعارف خسر فترة الخصوبة السياسية التي سبقته، وعصفت بمناطقنا بسرعة الريح، وافدة من العاصمة مع نشاط الحركة الطلابية ونهوض الجامعة اللبنانية والتنافس الديمقراطي بين كل التيارات والأحزاب. التقينا في نهاية السبعينات وكانت الحرب الأهلية قد هجرت بعضنا، وأصبحت على مشارف الإطاحة الكاملة بالوحدة الداخلية ببعديها الوطني والاجتماعي. كان شيئاً أقوى من لقاء في العاصمة بين اثنين من بيئة ريفية واحدة جمعهما وجع الحرب المدمرة نفسياً وأخلاقياً. كان تقاطعاً فكرياً مدفوعاً بأسئلة كبيرة حول المصير الوطني العام. وعلي أن أعترف أن الدكتور نزار يونس كان أكثر إبداعاً في طرح الأسئلة وتقديم الأجوبة عليها، لأنه كان مستقلاً وكنت ملتزماً.